مرثية المغدور والشاطئ
من سلسلة الدُّرَر الثمينة.
أيها الأزرق اللُجِّيُّ جِئْتُكَ بالصيف زائِراً......
بعْد أنْ رتَّبْتُ حقائبِي ..و صففْتُ أوراقي ثم الدفاترَ.....
هِمْتُ بِحُبّكَ و شيّدتُ من بريق حُبيْبات رمْلِكَ أعتى القصور و
أجمل المبانيَ..... و رسمْتُ البجع و العُقَابَ و النّوْرس
الطّائِرَ.....
و توسدْتُ ظِلّ مِظلّتِي و ركنْتُ سيّارتي
خلْف شاطئِكَ مسْرِعاً...كنّا قد سمعنا أنّ الحظائر أصبحت
مجَّانيَه.....يا ليْتَني
لمْ أركب..... و قصدْتُ طالِباً نسائِمكَ من أقصى
الصحاري على قَدمَيَّ حافِياَ.....
و عشِقْتُ موْجكَ نشواناً بالحياة الفانية....
للهِ درُّكَ قد بقَرْتَ قلبَ أمِّي الغالية......
سَلِ الحنّاءَ هلْ خضّبتْ يدِي.....و العرسُ بعدَ حينٍ كان
موْعِدي.....
سَلْ أمواجكَ اِنْ أنا خنتُها أو أنا قارعْتُها.....كسّرتْ شِراعِي و
مجدافي في يدي.....
فيا رفيقَة عمري للدمعِ كفكفي.....فالفارس الموعود
أمسى اليوم بلا غدِ.....
آه منكَ...... كسرْتَ روح أُمّي و زِدْتَ عضُد أبي...
هلْ أنا أخطأتُ اِنْ احترقتْ عِظامي.... فقصدْتُ بابكَ
هرباً من الحرّ الأبعدِ....أو ربما بعثرْتُ رملكَ أو عكّرْتُ صفوَ
مياهكَ فلم يُعجبكَ مقامي...لا تلُمْني أنا ضيْف زائرٌ....
أنا ابن الصحراء ابن الجزائر ......يا من تركْتَ الجرْح
غائرا......يا من ألْبسْتَ أسوار بيْتي حزْناً و وشّحْتَ بالسوادِ
قلْبَ اِخواني الثمانية.....
علّمونا أنّ الدّنْيَا قصّةٌ جميلة.....تنتهي بساعةٍ أوْ موْتِ
غدْرٍ في غضون نصفِ الثانية.....لكِنّ قلبي رضى و قلوب
الأصحاب ِ منْ جهتِكَ صافية......
سَلْ مناراتِكَ البيضاءَُ علّمْ أسوارها .....أحرقْتَ
فانوسي في ليْلِ الدّجَى ....و أبكيْتَ عروسي و عهدي
المرتجى...
سامحْتُكَ يا غادِري متى كثُر الخصب في الأرضِ أو في
السّماء....و متى حنّ قلبُ أُمّي و لجُرْمِكَ تناسَى و صفحَ.....
سلْ بيوتَ الأولياءِ قمْ اِستوقف زوَّارها.......* يِمَّا قوراية *
أشعلي من نيران لوعتي شموع روّادِكِ....و لوِّني بِدمي
الساخنِ عتبةَ بابكِ .......و اجعلي منْ طُهْري براءة
يوسف رمز عتابكِ... و تخَندَقي على قِمَم الجبال و
ابكي على ما أصابكِ ...وتوشّحي أسودا قاتماً فهو يليق بكِ....
سلْ زبد البحْرِ هوّلْ مِن روْعهِ.....يحكي مأساتي لجيل
بعد غدٍ.....
أنا الأسمر ابن الصحاري طيّبٌ... ....ما هكذا بالغدرِ
يُسْتقبَلُ الضيْفْ.......
أمْ هي حفاوة استقبالٍ أو روح شقاوةٍ.......تَلِدُ غدراً
وقْتَ المَصيف......فما ذنبي اِنْ لمْ أقدِّمْ
أتاوةً..........أنا ابن الجزائر في الشتاءِ و الصيْفْ.......
أنا الكريمُ ابن الكريمِ مِزاجي جيّدٌ......و جودي يُعدُّ
بألوانِ الطّيْفْ.....
أنا الصبورُ على الشّدائدِ حَرُّها ........نوقٌ و نخلٌ و
تمرٌ بالكمِّ و الكيْف...........
أنا العاشِقُ للبحْرِ و الرّملِ معاً.........رطبٌ و أسماكٌ
وقمحٌ في الفيافي ، تلٌّ و ساحلٌ و هِضابٌ و
ريفْ.........
لا تَلُمْ جفْنِي اِنْ نام غدراً........و اكتوى القلبُ تيهاً
و قهْراً...........أبكى ناسي عمراً و دهراً........ورغم الحُرقةِ
ألتمس لكَ عذراً.........
رِمْشُ أُمّي يرجِفُ ليْلاً......يسْكنُ الأسحارَ يهْذي لا
ينامْ........و قلْبُ ثَكْلى يتعصّرُ حزْناً .....يُشَمِّعُ كلّ أبوابِ
الغرامْ...........كنَّا نرسُم أجملَ مبنَى ........يا بُنيَّ تبخّرتْ
مع خنْجرِكَ الأحلامْ........قولوا لأمّي أحلى كلمة.........و بسمة
و ضحكة و زيدوا السلام........اِن عفى عن خطيئتكَ
قلْبُها السّمْحُ فأبْشِرْ برْهةً و نَمْ وفقطْ ...... للهِ درُّكَ
عَيْنُ أُمِّي لا تنَامْ .
بقلم: شريط نبيل 18 أوت القل سكيكدة الجزائر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق