هوس
ﺇﺳﺘﻴﻘﻈﺖ ﻣﻦ ﻣﻮﺗﻲ ﻷﺟﺪ ﻧﻔﺴﻲ
ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻟﻢ
ﺃﻓﻬﻤﻬﺎ ﻭ ﺍﻷﺣﻼﻡ ﺍﻟﻤﺒﻬﻤﺔ ﻭ
ﺍﻟﻜﻮﺍﺑﻴﺲ ﺍﻟﺼﺎﺭﺧﺔ ، ﺇﺳﺘﻴﻘﻈﺖ
ﺑﻌﺪﻣﺎ ﺳﻘﻄﺖ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﺮﻳﺮ ﻛﺂﺧﺮ
ﺩﻣﻌﺔ ﺫﺭﻓﻬﺎ ﺍﻟﻮﻋﻲ ﻗﺒﻞ ﻣﻮﺗﻪ ،
ﻓﻲ ﻣﺠﺘﻤﻊ ﻟﻢ ﻳﻔﻬﻢ ﻣﺎﺫﺍ ﻳﺮﻳﺪ
ﺣﺘﻰ ﺍﻵﻥ ، ﻭﻓﻲ ﺣﻲ ﻣﻮﺑﻮﺀ ﻭ
ﺇﺑﻨﺔ ﺟﻴﺮﺍﻥ “ﺻﺎﻳﻌﺔ” ، ﺍﺳﺘﻴﻘﻈﺖ
ﺑﻌﺪ ﻋﻮﺩﺗﻲ ﺛﻤﻼً ﻣﻦ ﺣﻔﻠﺔ ﺻﺎﺧﺒﺔ
ﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﺒﻴﺔ ﺍﻷﺛﺮﻳﺎﺀ
ﺍﻟﻤﻼﻋﻴﻦ ، ﺣﻔﻠﺔ ﺃﻗﺎﻣﻬﺎ ﺃﺣﺪ
ﺃﺻﺪﻗﺎﺋﻲ ﺍﻟﺒﻮﺭﺟﻮﺍﺯﻳﻴﻦ ، ﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺔ
ﻻ أﻋﻠﻤﻬﺎ ﻭ ﻟﻢ ﺃﺗﻜﺒﺪ ﻋﻨﺎﺀ ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ
ﻋﻨﻬﺎ.
ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺫﻭﻱ ﺍﻟﻄﺒﻘﺔ
ﺍﻟﻤﺨﻤﻠﻴﺔ ﺑﻤﻌﻨﻰ ﺃﺻﺢ “ﻭﻻﺩ
ﺍﻟﻨﻌﻤﺔ” ، ﻟﻢ ﺗﺘﻀﺢ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻮﻫﻬﻢ
ﻣﻼﻣﺢ ﺩﻳﻮﻥ ، ﺃﻭ ﻓﻘﺮ ، ﺃﻭ ﺷﻌﻮﺭ
ﺑﺎﻟﺨﻴﺒﺔ ، ﺃﻭ ﺇﺣﺴﺎﺱ ﺑﺄﻧﻬﻢ
ﻳﻌﻴﺸﻮﻥ ﻓﻲ ﻣﻨﻔﻰ ﻻ ﻳﻤﻜﻨﻬﻢ
ﺍﻟﺨﺮﻭﺝ ﻣﻨﻪ ﺃﻭ ﺍﻟﺼﺮﺍﺥ ﻓﻴﻪ ،
ﺍﻟﻔﺘﻴﺎﺕ ﻫﻨﺎﻙ ﻛﻦ ﺟﻤﻴﻼﺕ
ﻭﺣﻤﻘﺎﻭﺍﺕ ﺟﺪﺍً ، ﺑﻤﻼﺑﺲ ﺗﻈﻬﺮ
ﺳﻴﻘﺎﻧﻬﻦ ﺍﻟﻔﺎﺗﻨﺔ ﺟﺪﺍً ﻛﺴﺠﺎﺋﺮﻱ
ﺗﻤﺎﻣﺎً ، ﻛﻨﺖ ﺃﺣﺎﻭﻝ ﺃﻥ ﺍﺗﻘﻲ ﺍﻟﻠﻪ
ﻭﻻ ﺍﻧﻈﺮ ﺇﻻ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻴﻘﺎﻥ ﻓﻘﻂ ،
ﻛﺎﻥ ﻟﺪﻱ ﺑﻘﺎﻳﺎ ﻣﺒﺪﺃ ﻣﺘﺮﻫﻞ ، ﻛﺎﻥ
ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﻳﺮﻗﺼﻮﻥ ، ﻣﻊ ﺃﻥ ﺍﻷﻏﺎﻧﻲ
ﻛﺎﻧﺖ ﺣﺰﺍﺋﻨﻴﺔ ﻭ ﺳﺎﻗﻄﺔ ﻭ ﻻ ﺗﻤﺖ
ﻟﻠﻔﻦ ﺑﺄﻱ ﺻﻠﺔ ﻗﺮﻳﺒﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﺑﻌﻴﺪﺓ
، ﺯﺟﺎﺟﺎﺕ ﺧﻤﺮ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻜﺎﻥ ﻭ
ﻗﻮﺍﺭﻳﺮ ﻧﺴﺎﺀ ﺑﺴﻴﻘﺎﻥ ﻓﺎﺗﻨﺔ ، ﻭ
ﺣﻄﺎﻡ ﺭﺟﺎﻝ ﻳﺮﻗﺼﻮﻥ ﺑﻨﻌﻮﻣﺔ ،
ﺃﺭﺩﺕ ﻟﻮﻫﻠﺔ ﺃﻥ أﺗﻈﺎﻫﺮ ﺑﺄﻧﻨﻲ
ﺃﻓﻬﻤﻬﻢ ، ﺃﻭ ﺃﻓﻬﻢ ﻟﻤﺎ ﻫﻢ
ﻳﺮﻗﺼﻮﻥ ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ
ﺃﻓﻬﻤﻬﺎ ﺃﺑﺪﺍً ، ﻟﻜﻨﻨﻲ ﻓﺸﻠﺖ ،
ﻓﺸﻠﺖ ﻛﻤﺎ أﻓﺸﻞ ﺩﺍﺋﻤﺎً ، ﺃﺷﻌﺮ
ﺃﺣﻴﺎﻧﺎً ﺃﻧﻨﻲ ﺣﻄﻤﺖ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻷﺭﻗﺎﻡ
ﺍﻟﻘﻴﺎﺳﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﺸﻞ ، ﻓﺸﻠﺖ
ﻓﻲ ﺃﻥ ﺃﻛﻮﻥ ﺍﻟﺼﺒﻲ ﺍﻟﺸﺠﺎﻉ ﻓﻲ
ﺍﻟﺤﻲ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﻨﺖ ﻣﺮﺍﻫﻘﺎً ،
ﻓﺸﻠﺖ ﻓﻲ ﺃﻥ ﺃﻛﻮﻥ ﺇﻣﺎﻣﺎً
ﻟﻠﻤﺴﺠﺪ ، ﻭ ﻓﺸﻠﺖ ﻓﻲ ﺃﻥ ﺃﺣﺐ
، ﻋﻤﻮﻣﺎً ﻓﺸﻠﺖ ﻓﻲ ﻓﻬﻤﻬﻢ ،
ﺭﺑﻤﺎ ﻓﺸﻠﺖ ﻷﻧﻨﻲ ﻛﻨﺖ ﺃﻓﻜﺮ ﻓﻲ
ﻣﺼﻴﺮﻱ ، ﺻﺒﻲ ﺃﻫﻮﺝ ﻳﻔﻜﺮ ﻓﻲ
ﻣﺼﻴﺮﻩ ﺍﻷﺳﻮﺩ ﻭ ﻫﻮ ﻳﺠﻠﺲ ﻓﻲ
ﺣﻔﻠﺔ ﺻﺎﺧﺒﺔ ﻣﻠﻴﺌﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺎﺀ ﻭ
ﺍﻟﺼﺒﻴﺔ ﺍﻟﻤﺨﻤﻮﺭﻳﻦ ، ﻫﺬﺍ ﺷﻲﺀ
ﻏﻴﺮ ﻣﻨﻄﻘﻲ ﺃﺑﺪﺍً ، ﺇﻋﺘﺪﺕ ﺃﻥ ﺃﻓﻌﻞ
ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ﺍﻟﻐﻴﺮ ﻣﻨﻄﻘﻴﺔ ﺩﺍﺋﻤﺎً ،
ﻟﻄﺎﻟﻤﺎ ﺣﺎﻭﻟﺖ ﺇﺳﺘﻔﺰﺍﺯ ﺍﻟﻤﻨﻄﻖ ،
ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻨﻄﻖ ﺍﻟﺤﻘﻴﺮ ، ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺤﺐ
ﺃﻥ ﻳﺘﻐﻴﺐ ﺩﺍﺋﻤﺎً ﻋﻦ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ،
ﻭﻳﻜﺘﻔﻲ ﺑﺎﻟﺠﻠﻮﺱ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﺘﺐ
ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﻴﺔ ﻭ ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﻴﺔ ﺑﻼ ﺃﻱ
ﺷﻌﻮﺭ ﺑﺎﻟﻤﺴﺆﻭﻟﻴﺔ ﺗﺠﺎﻩ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ
ﺍﻟﺴﻴﺊ ، ﻋﻤﻮﻣﺎً ﻛﺎﻧﺖ ﻫﻨﺎﻙ ﻓﺘﺎﺓ
ﺑﺠﺎﻧﺒﻲ ﻳﺒﺪﻭ ﻣﻦ ﻭﺟﻬﻬﺎ ﺃﻧﻬﺎ
ﻣﺪﻣﻨﺔ ، ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻘﻮﻡ ﺑﻠﻒ ﺍﻟﺴﺠﺎﺋﺮ
ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﺳﻴﺌﺔ ﻭ ﺑﻄﻴﺌﺔ ﺟﺪﺍً ،
ﻭﺗﺘﺤﺪﺙ ﻟﺼﺒﻲ ﻧﺎﻋﻢ ﺑﺠﺎﻧﺒﻬﺎ ﻋﻦ
ﺣﺰﻧﻬﺎ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮ ﻷﻧﻬﺎ ﻟﻦ ﺗﺴﺎﻓﺮ ﻓﻲ
ﻋﻄﻠﺔ ﻋﻴﺪ ﺍﻟﻤﻴﻼﺩ ﺇﻟﻰ ﺟﻨﻴﻒ ،
ﻷﺳﺒﺎﺏ ﻟﻴﺴﺖ ﻣﺎﺩﻳﺔ ﺃﺑﺪﺍً ، ﺑﻞ
ﻷﻥ ﻭﺍﻟﺪﻫﺎ ﻗﺮﺭ أﻧﻬﻢ ﺳﻴﺴﺎﻓﺮﻭﻥ
ﺇﻟﻰ ﻻﺱ ﻓﻴﻐﺎﺱ ﻫﻪ ، ﻫﺬﻩ
ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻣﻬﺰﻟﺔ ، ﻧﻜﺘﻪ ، ﻓﻲ ﺫﺍﺕ
ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻔﺘﺎﺓ
“ﺍﻟﺤﺸﺎﺷﺔ” ﺗﺸﻜﻲ ﻣﺄﺳﺎﺗﻬﺎ ،
ﻗﺮﺃﺕ ﺭﺳﺎﻟﺔ ﺻﺪﻳﻘﻲ ﻋﺎﻣﺮ ، ﺍﻟﺬﻱ
ﺃﺭﺳﻞ ﻟﻲ ﻳﻘﻮﻝ : ﺍﻧﻪ ﻳﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟﻰ
1000 ﺩﻳﻨﺎﺭﺍ ﻟﻴﺸﺘﺮﻱ ﺣﻠﻴﺒﺎً
ﻟﻄﻔﻠﺘﻪ ﺍﻟﺒﺮﻳﺌﺔ ﺟﺪﺍً ﻭ ﺑﻌﺾ ﺃﻏﺮﺍﺽ
ﺍﻟﻤﻨﺰﻝ !
ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻔﺘﺎﺓ “ﺍﻟﺤﺸﺎﺷﺔ” ﺟﻤﻴﻠﺔ
ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺸﻲﺀ ، ﺑﻬﺎﻻﺕ ﺳﻮﺩﺍﺀ
ﺃﺳﻔﻞ ﻋﻴﻨﻴﻬﺎ ، ﻳﺒﺪﻭ ﺃﻧﻬﺎ ﻣﻦ ﺁﺛﺎﺭ
ﺗﻌﺎﻃﻲ ﺍﻟﺤﺸﻴﺶ ﺍﻟﻤغارﺑﻲ
ﺍﻟﻤﻀﺮﻭﺏ ، ﻛﻨﺖ ﺃﺣﺪﻕ ﺑﻄﺮﻳﻘﺘﻬﺎ
ﻓﻲ ﻟﻒ ﺍﻟﺴﺠﺎﺋﺮ ، ﻭ أﺑﺘﺴﻢ
ﻛﻤﻌﻠﻢ ﺭﻳﺎﺿﻴﺎﺕ ، ﺣﺎﻭﻟﺖ ﺃﻥ
ﺃﺧﺒﺮﻫﺎ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺳﻬﻠﺔ ﻟﻠﻒ
ﺍﻟﺴﺠﺎﺋﺮ ﺑﺴﺮﻋﺔ ، ﻟﻜﻨﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ
ﻣﻨﻬﻤﻜﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺰﻥ ﻭ ﺍﻟﺘﺤﺪﺙ ﻋﻦ
ﻣﺄﺳﺎﺗﻬﺎ ﺍﻟﺴّﻤﺠَﺔ ، ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﻛﺎﻧﻮﺍ
ﻳﺮﻗﺼﻮﻥ ،ﻭﺃﻧﺎ ﻛﻨﺖ أﺗﺄﻣﻠﻬﻢ ﻛﺸﻴﺦ
ﻋﺠﻮﺯ ﺧﺮﺝ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺒﺮ ﻟﻠﺘﻮ ، ﺧﺮﺝ
ﻟﻴﻘﻀﻲ ﺣﺎﺟﺘﻪ ﺧﺎﺭﺝ ﺍﻟﻤﻘﺒﺮﺓ ﻭﻣﻦ
ﺛﻢ ﻳﻌﻮﺩ،
ﻓﻘﺪﺕ ﺳﻴﻄﺮﺗﻲ ﻋﻠﻰ ﺭﻭﺣﻲ
ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺧﺬﺕ ﺗﻠﻌﻨﻬﻢ ، ﻟﻴﺲ ﻟﺸﻲﺀ
ﻣﺤﺪﺩ ، ﻟﻜﻦ ﺭﺑﻤﺎ ﻷﻥ ﺍﻷﻏﺎﻧﻲ
ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﺮﻗﺼﻮﻥ ﻋﻠﻰ أﻧﻐﺎﻣﻬﺎ
ﻟﻢ ﺗﻌﺠﺒﻨﻲ ﺍﻟﺒﺘﺔ ، ﻛﺎﻥ ﺇﺧﺘﻴﺎﺭﻫﻢ
ﻟﻸﻏﺎﻧﻲ ﺳﻴﺌﺎً ﻛﺈﺧﺘﻴﺎﺭﻱ
ﻟﻠﻤﺸﺮﻭﺏ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻣﺎﻣﻲ ، ﻛﺎﻧﺖ
ﻫﻨﺎﻙ ﻓﺘﺎﺓ ﺟﻤﻴﻠﺔ ﺗﻨﻈﺮ ﻟﻲ ﻣﻦ
ﺑﻌﻴﺪ ، ﺗﺤﺪﻕ ﺑﻲ ﻭ ﻛﺄﻧﻬﺎ ﺗﺮﻯ
ﻓﻲ ﺍﺷﻴﺎﺀ ﺟﻤﻴﻠﺔ ﻭ ﻏﻴﺮ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ﻭ
ﺃﺧﺮﻯ ﺑﺎﻫﺘﻪ ، ﻧﻈﺮﺕ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻭﻛﺄﻧﻨﻲ
ﺑﻌﻴﻨﻲّ ﺃﻗﻮﻝ ﺃﻧﺎ ﻏﻴﺮ ﻣﺘﺎﺡ ، ﺃﻧﺎ
ﺃﺭﻋﻦ ﻭﻣﺨﺒﻮﻝ ، ﻭﻻ ﺍﺣﺘﺎﺝ ﻟﻠﻤﺰﻳﺪ
ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺍﻟﺘﺎﻓﻬﺔ ، ﻛﺎﻧﺖ
ﺗﺮﺗﺪﻱ ﻓﺴﺘﺎﻧﺎً ﺃﺣﻤﺮﺍً ، ﻭ ﻛﺄﻧﻬﺎ
ﺗﻘﻮﻝ ﻟﻜﻞ ﻓﺘﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ “ﺃﻧﺘﻢ ﺛﻴﺮﺍﻥ
ﻫﻮﺟﺎﺀ ، ﻭ ﺃﻧﺎ ﺍﻷﺣﻤﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻟﻄﺎﻟﻤﺎ
ﻛﺎﻥ ﻳﻐﻴﻀﻜﻢ”
ﻳﺒﺪﻭ ﺃﻧﻨﻲ ﺃﺳﺮﻓﺖ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺮﺏ
ﺣﻴﻨﻬﺎ ، ﻭﺃﺭﺩﺕ ﺃﻥ ﺃﻣﺴﻚ
ﺑﺎﻟﻤﺎﻳﻜﺮﻭﻓﻮﻥ لأﺗﺤﺪﺙ ﻟﻬﻢ ﻋﻦ
ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﻭ ﺍﻟﻔﻘﺮﺍﺀ ﻭ ﺍﻟﻔﺘﻴﺎﺕ
ﺍﻟﺠﻤﻴﻼﺕ ﺍﻟﻤﺘﻌﺎﻃﻴﺎﺕ ﺍﻟﺤﻤﻘﺎﻭﺍﺕ
، ﻭﻗﻔﺖ ﻛﺮﻣﺢ ، ﻭ ﺫﻫﺒﺖ ﻧﺤﻮ
ﺍﻟﻤﺎﻳﻜﺮﻭﻓﻮﻥ ، ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﻈﻨﻮﻥ ﺃﻧﻨﻲ
ﺳﺄﻏﻨﻲ ﻟﻬﻢ ﺃﻏﻨﻴﺔ ﺗﺎﻓﻬﻪ
ﻛﺘﻔﺎﻫﺘﻬﻢ ، ﺃﻣﺴﻜﺖ
ﺑﺎﻟﻤﺎﻳﻜﺮﻭﻓﻮﻥ ﺍﻟﻠﻌﻴﻦ ﻭﻗﻠﺖ :
ﻣﺮﺣﺒﺎً ﺑﻜﻢ ﺟﻤﻴﻌﺎً ﻓﻲ ﺣﻔﻠﺔ
ﺻﺪﻳﻖ ﺃﺭﻋﻦ ﻭ ﻃﻴﺐ ﻛﺈﻳﺎﻛﻢ ، ﺃﻧﺎ
ﻻ ﺃﻋﻠﻢ ﻣﺎ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﻔﻠﺔ ،
ﻭﻻ ﺃﻋﻠﻢ ﻣﺎ ﺍﻟﺬﻱ أﺗﻰ ﺑﻲ ﺇﻟﻰ
ﻫﻨﺎ ، ﻟﻜﻨﻨﻲ ﺃﺭﻳﺪ ﺃﻥ ﺃﺗﺤﺪﺙ ﻟﻜﻢ
ﻋﻦ ﺑﻌﺾ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﻳﺒﺪﻭ
ﺃﻧﻬﺎ ﺗﻬﻤﻜﻢ ، ﺃﻇﻦ ﺃﻧﻜﻢ ﻻ
ﺗﻌﺮﻓﻮﻧﻨﻲ ﺟﻴﺪﺍً ، ﻭﺃﻧﺎ ﺃﻳﻀﺎً ﻻ ﺃﺭﻳﺪ
ﺃﻥ ﺃﻋﺮﻓﻜﻢ ﺃﺑﺪﺍً ، ﻟﻜﻨﻨﻲ ﺃﺭﻳﺪ ﺃﻥ
ﺃﻗﻮﻝ ﻓﻲ ﺑﺎﺩﺉ ﺍﻷﻣﺮ “ﺗﺒﺎً ﻟﻜﻢ” ،
ﻧﻌﻢ ﺗﺒﺎً ﻟﻜﻢ ﺟﻤﻴﻌﺎً ، ﻭ ﻵﺑﺎﻛﻢ
ﺍﻷﺛﺮﻳﺎﺀ ﻭ ﻟﻤﻼﺑﺴﻜﻢ ﺍﻟﺒﺎﻫﻀﺔ ،
ﺃﺻﺪﻗﺎﺋﻲ ﺍﻟﻤﻼﻋﻴﻦ ﻭ ﺻﺪﻳﻘﺎﺗﻲ
ﺍﻟﺤﺴﻨﺎﻭﺍﺕ ، ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺳﻴﺊ ،
ﻭﻳﺒﺪﻭ ﺍﻧﻪ ﺑﺪﺃ ﻳﺘﻐﻴﺮ ، ﻭ ﻳﺒﺪﻭ أﻳﻀﺎً
ﺃﻧﻜﻢ ﻻ ﺗﻌﻠﻤﻮﻥ أﻧﻪ ﺑﺪﺃ ﻳﺘﻐﻴﺮ ،
ﻭﻳﺒﺪﻭ ﺃﻧﻨﻲ ﺃﻓﺮﻃﺖ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺮﺏ
ﻭﺳﺄﺟﻠﺐ ﻟﻨﻔﺴﻲ ﻣﺼﻴﺒﺔً ﻻ ﺃﻋﻠﻢ
ﻣﺎﻫﻲ ﻋﻮﺍﻗﺒﻬﺎ ، ﻋﻤﻮﻣﺎً ﻫﺬﺍ
ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻳﺘﻐﻴﺮ ، ﻭ ﺍﻟﺜﻮﺭﺍﺕ ﺗﻨﻬﺸﻪ
ﻛﺎﻟﺴﺮﻃﺎﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺗﻤﻨﻰ ﺃﻥ
ﻳﺼﻴﺒﻜﻢ ﺟﻤﻴﻌﺎً ﻷﻧﻜﻢ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ
ﺍﻟﺘﺎﻓﻬﻴﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﻳﻔﻜﺮﻭﻥ ﺇﻻ ﻓﻲ
ﺍﻟﺴﻔﺮ ﻭ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ﻭ ﺯﺟﺎﺟﺎﺕ
ﺍﻟﺨﻤﺮ ﻭﺍﻟﻤﻮﺿﺔ ﻭ ﺍﻟﺴﻴﺎﺭﺍﺕ
ﺍﻟﻔﺎﺭﻫﺔ ﻭﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺍﻟﻐﺮﺍﻣﻴﺔ ،
ﺃﻧﺎ ﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﺃﺭﻳﺪ ﺃﻥ ﺃﻗﻮﻝ ﻟﻜﻢ ﺃﻧﻨﻲ
ﺃﻛﺮﻫﻜﻢ ، ﻭ ﺃﻛﺮﻩ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﻃﻦ
ﺍﻟﺬﻱ ﻟﻄﺎﻟﻤﺎ ﺃﺷﻌﺮﻧﻲ ﺑﺄﻧﻨﻲ ﺧﺮﺩﺓ
، ﻭ ﺃﻛﺮﻩ ﺭﺟﺎﻝ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﻤﺮﺗﺸﻴﻦ ،
ﻭ ﺃﻭﻟﺌﻚ ﺍﻟﻤﺜﻘﻔﻴﻦ ﺍﻟﻠﻴﺒﺮﺍﻟﻴﻦ
ﺍﻟﻤﻬﻮﻭﺳﻴﻦ ﺑﺎﻟﻤﺆﺧﺮﺍﺕ ﻭ ﺳﻬﺮﺍﺕ
ﺍﻟﻔﻨﺎﺩﻕ ، ﻭأﻛﺮﻩ ﻻﻋبي ﻛﺮﺓ ﺍﻟﻘﺪﻡ
ﻭ ﻧﺎﺩﻱ ﺑﺮﺷﻠﻮﻧﺔ ﺑﺎﻟﺘﺤﺪﻳﺪ ، ﻭ ﺍﺑﻨﺔ
ﺟﻴﺮﺍﻧﻨﺎ “ﺍﻟﺼﺎﻳﻌﺔ” ، ﺻﺪﻳﻘﻲ ﻋﺎﻣﺮ
ﻳﺤﺘﺎﺝ ﻟﻠﻤﺎﻝ ،ﻟﻜﻲ ﻳﻄﻌﻢ ﻃﻔﻠﺘﻪ ،
ﻭ أﻧﺘﻢ ﻫﻨﺎ ﺗﺘﺒﻮﻟﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻣﻮﺍﻝ
ﻭﺗﻨﻈﻔﻮﻥ ﺑﻬﺎ ﻣﺆﺧﺮﺍﺗﻜﻢ ﺑﻴﻨﻤﺎ
ﻫﻨﺎﻙ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﻘﺮﺍﺀ ﺍﻟﺬﻳﻦ
ﻳﻤﻮﺗﻮﻥ ﺟﻮﻋﺎً ، ﻭ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ
ﺍﻟﺒﺸﺮ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻀﺤﻮﻥ ﺑﺸﺮﻓﻬﻢ ﻭ
ﺷﺮﻑ ﻧﺴﺎﺋﻬﻢ ﻭ ﺑﻨﺎﺗﻬﻢ ﻟﻜﻲ ﻻ
ﻳﻤﻮﺗﻮﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻮﻉ ، أﻧﺘﻢ ﻫﻨﺎ
ﺗﻀﺤﻮﻥ ﺑﺸﺮﻓﻜﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ
ﻣﻮﺟﻮﺩﺍً ﻟﻮﻻ ﺍﻟﻤﺎﻝ ، ﻣﻦ ﺃﺟﻞ
ﺍﻟﻤﺘﻌﺔ ، ﺗﻀﺤﻮﻥ ﺑﻪ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ
ﺍﻟﻤﺘﻌﺔ ﻓﻘﻂ ، ﻭ ﻋﻠﻰ ﺫﻛﺮ ﺍﻟﻤﺘﻌﺔ
، ﺃﺭﻳﺪ ﺃﻥ ﺃﻗﻮﻝ ﻟﻜﻢ ﺃﻧﻨﻲ ﻟﺴﺖ
ﺷﻴﻌﻴﺎً ، ﻷﻧﻪ ﻟﺴﺒﺐ ﻣﺎ ﻻ ﺃﻋﺮﻓﻪ
ﺃﺻﺒﺢ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﻳﻈﻨﻮﻥ ﺃﻥ ﻛﻞ ﻣﻦ
ﻳﺘﺤﺪﺙ ﻋﻦ ﺍﻟﻔﻘﺮ ﻭ ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻳﺼﺒﺢ
ﺷﻴﻌﻴﺎً ، ﻋﻤﻮﻣﺎً أﻧﺘﻢ ﻣﻼﻋﻴﻦ ، ﻭ
ﺃﻧﺎ أﺣﺘﺎﺝ ﻷﻥ أﺫﻫﺐ ﺍﻵﻥ ﻟﻠﻤﻨﺰﻝ ،
ﻭ ﺷﻜﺮﺍً ﻟﻜﻢ ، ﻭ ﺷﻜﺮﺍً ﻟﻲ ﻷﻧﻨﻲ
ﺣﺎﻭﻟﺖ ﺃﻥ ﺃﻓﺴﺪ ﺣﻔﻠﺘﻜﻢ ، ﺇﻟﻰ
ﺍﻟﻠﻘﺎﺀ .
أﺗﻰ ﺻﺪﻳﻘﻲ ﺻﺎﺣﺐ ﺍﻟﺤﻔﻠﺔ ﻭ
ﺃﺑﻌﺪﻧﻲ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﺎﻳﻜﺮﻭﻓﻮﻥ ، ﻭﺑﺪﺃ
ﻳﻌﺘﺬﺭ ﻟﻠﺤﻀﻮﺭ ، ﻋﺎﺩ ﻟﻲ ﺻﺪﻳﻘﻲ
ﻭ ﺑﺪﺍ ﻏﺎﺿﺒﺎً ﻣﻦ ﺧﻄﺒﺘﻲ ﺍﻟﻌﺼﻤﺎﺀ
، ﻗﺮﺭﺕ ﺃﻥ ﺃﺧﺮﺝ ، ﻭ ﻗﺒﻞ ﺧﺮﻭﺟﻲ
ﻟﺤﻘﺘﻨﻲ ﺍﻟﻔﺘﺎﺓ ﺍﻟﺤﻤﺮﺍﺀ ، ﻟﺘﻘﻮﻝ
ﻟﻲ ﺃﻧﻨﻲ ﻛﻨﺖ ﺣﻘﻴﻘﻴﺎً ﺟﺪﺍً ﻭ
ﻛﻼﻣﻲ ﻛﺎﻥ ﻣﺆﺛﺮﺍً ﺟﺪﺍً ، ﻓﻘﻠﺖ ﻟﻬﺎ
ﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﻏﻴﺮ ﻣﻬﻢ ﺃﺑﺪﺍً ، ﻭ ﺃﻧﻨﻲ
ﺃﺭﻳﺪ ﺍﻟﺨﺮﻭﺝ ﺣﺎﻻً ،!
ﻗﺎﻟﺖ :
– ﺃﺭﻳﺪ ﺃﻥ ﺃﻋﻄﻴﻚ ﺭﻗﻢ ﻫﺎﺗﻔﻲ ،
ﺃﺭﻳﺪ ﺃﻥ ﻧﺘﺤﺪﺙ ﻋﻦ ﺃﺷﻴﺎﺀ ﻣﻬمة
ﺣﻮﻝ ﺷﺨﺼﻴﺘﻚ ﻭ ﺃﺧﺮﻯ ﻏﻴﺮ ﻣﻬمة
ﻋﻦ ﺷﺨﺼﻴﺘﻲ !
– ﺃﻧﺎ ﺣﻘﺎً ﻻ ﺃﺭﻳﺪ ﺫﻟﻚ ، ﺃﺭﻳﺪ ﺃﻥ
ﺃﺫﻫﺐ ، ﻭ ﻋﻠﻰ ﺫﻛﺮ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ
ﺍﻟﻤﻬﻤﺔ ﻭ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻤﻬﻤﺔ : ﺗﺒﺪﻳﻦ
ﻓﺎﺗﻨﺔً ﺟﺪﺍً ، ﻭ ﺃﺭﺟﻮ ﻣﻨﻚ ﺃﻥ
ﺗﺪﻋﻴﻨﻨﻲ أﺫﻫﺐ ﻟﻜﻲ ﻻ ﺃﻏﻴﺮ ﺭﺃﻳﻲ
ﺣﻮﻝ ﺟﻤﺎﻟﻚ !
– ﻟﻜﻨﻨﻲ ﺃﺭﻳﺪ ﺃﻥ ﺃﺗﺤﺪﺙ ﺇﻟﻴﻚ !
– ﺩﻋﻲ ﺍﻟﺼﺪﻓﺔ ﺗﺘﻜﻔﻞ ﺑﺎﻷﻣﺮ ،
ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻘﺎﺀ ﻳﺎ ﺣﻤﺮﺍﺀ .
ﺧﺮﺟﺖ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻔﻠﺔ ، ﻛﺠﺮﻭ ، ﺃﺗﺮﻧﺢ
ﻛﺎﻟﻌﺎﻟﻢ ، ﻭ ﺑﻴﺪﻱ ﻫﺎﺗﻔﻲ ، ﻭ
ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻨﻘﻮﺩ ، ﻭ ﻓﻲ ﺭﺃﺳﻲ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ
ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻷﻓﻜﺎﺭ ﻭ ﺍﻟﺘﺴﺎﺅﻻﺕ !!
بقلم: بن مزي سعيد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق