آخر_المعارك_مع_العدو.
أيها الصراصير لطالما عفست عليكم ودغدغت عظامكم المقرمشة ، لطالما كنت قاسياً عليكم بشتى الآليات الفتاكة ، منها المبيد الحشري والحجارة، وفيكم تعلمت فن الرماية ، كما أعترف لكم بأن قدمي ذات الرقم الأربعين لا زالت شاهدة على الحرب التي كنت أشنها عليكم بكل إقدامٍ وعنفوان، سواء في دورة المياه أو في أركان البيت وتحت وسادتي العفنة النتنة ، بالطبع فأنتم الأشرف مكانا ومقاما ، وأنا المتطفل المقزز الذي لا يرحم الكائنات الضعيفة ، والذي لطالما انتشى بتقسيط عظامكم اللينة ، و إخراج ما تحتوون عليه في بطونكم من بقايا الطعام العفن الذي أتركه في المطبخ ، ها أنا اليوم أتيتكم حافي القدمين و أنحني على ركبتاي أمام جلالتكم، فلا تخافوا و اخرجوا و اصطفوا أمامي لأقبل أرجلكم و أيديكم الشريفة، وها أنا أشكوا إلى الله ضعفي وقلة حيلتي لما تعرضت له من كبيركم، وأطلب منكم العفو والصفح والسماح ، فبعد ما كنت أود الدخول إلى موطنكم الذي هو ملككم "المرحاض" ، الذي هو عبارة عن ثكنة عسكرية تقومون فيها بجل الحركات والتداريب العَصيّة، من تسلق الجدران إلى القفز من أعلى السقف إلى ثقب المرحاض، اعترض لي صرصور قوي مفتول العضلات ذو شهامة وشجاعة يهابها العابرون، حاولت ألا أطأ عليه أثناء دخولي، لكنه استمر في حصاري ذات اليمين و ذات الشمال ، لكن بعد أن ضيق علي الخناق ، وجهت إليه قدمي الكبرى بما أتيت من قوة، لكن شئ غير عادي قد وقع ، لقد انفجرت دخان أسود داخل المرحاض مما عتم الرؤية من حولي ، بدأت أتحسس أضلاعي لكن رأسي تصلب ولم يعد له حراك ، لا أقدر على الوقوف ، إن يداي يكملان رجلاي اللذان اكتسيا شعيرات خشنة ، رباه...ما هذا، نعم أيها الصراصير الواقفين عند عتبة المرحاض ، لقد مسخت إلى صرصور مثلكم، { تعالت ضحكاتهم} ، نعم! وأخد كبيركم جسدي ، لا أعرف كيف وقع ذلك، لكن ما أتذكره في ذلك اليوم ، هو العذاب الأليم من طرف كبيركم الذي أخد جسدي ، حين بدأ يدغدغ عظامي ويحملني إلى أعلى ويضرب بي عرض الحائط ، ويدخلني في ثقب المرحاض مرات متوالية فقدت إثر ذلك حاسة الذوق ، كم تمنيت أن أموت في ذلك اليوم ، ولا أخفيكم أمرا ، لقد أصبح صاحبكم يجلس في غرفتي ومع أمي و أبي ، يقوم بكل الأفعال المشينة المنافية لعاداتنا وتقاليدنا المتجدرة فينا لقد شوه صمعتي بين الجيران والأقران...
وقالوا كلهم بصوت مرتفع موحد:
ـ ماذا تريد الآن...
قلت:
ـ لا أريد سوى جسدي أيها الشرفاء...
قالوا :
ـ لكن بشرط...
ونادو على أحد الجنود الصغار جسدا والكبار فكراً...وأخرج ورقة صغيرة من ركن الباب واستهل كلامه ب :
إلى يونس قاهر الصراصير سابقاً:
أسلم تسلم ، يأتك كبيرنا أجرك مرتين ، أما بعد :
كما لا يخفى على الجميع ، بأنك خداعٌ مكار ، قتال سفاح، وقح نتن ، لقد مرت علينا أياما عسيرة حفرت بمعاولها مكانا آسٍ في قلوبنا نتيجة الحصار والخناق الذي شددته علينا ، والاعتقالات التي طالت صفوف مناظلينا ، لذلك فبمقابل استرجاع جسدك المهترئ، لن تقرب دورة المياه مرة أخرى وسنفعل ما يحلوا لنا في منزلنا،إضافة إلى التحية صباح...
والسلام.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق